الكتب

قصتي مع كتاب نهاية الأمم

-------------------

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا.

في غمرة الأحداث التي عصفت بالأمة الإسلامية بعد تدمير برجي التجارة العالمي في نيويورك وتفجير وزارة الدفاع في واشنطن... وعند تكالب الأمم وهجومها على الإسلام والمسلمين وبدأت هجومها على الدولة الإسلامية أفغانستان... أخذ الألم يعصر قلبي يومًا بعد يوم وأنا أسمع الأخبار القادمة من أفغانستان، بل وما أسمع عن الحملة الشعواء على كل ما هو إسلامي في أي مجال كان، مع تأكيد رؤساء الدول المهاجمة للأمة الإسلامية والمعتدية على دول مسلمة وتصريحاتهم المتكررة بأن الهجوم ليس على الإسلام وإنما على الإرهاب! بل وعلى قاعدة: أصبح فرعون واعظًا، أخذنا نسمع منهم وعظًا بأن الإسلام دين سلام وليس دين إرهاب، وأن الإسلام يدعو إلى كذا ويحث على كذا... إلى آخر ما هنالك من ثناء على الإسلام وتعاليمه السمحة... وأخذ كل منهم يزور المراكز الإسلامية ويبين محاسن الإسلام في وسائل الإعلام التي تغطي أنحاء العالم... هنا أخذت أتأمل كيف أن الله سبحانه وتعالى ومن عظمته وجبروته أن جعل مثل هؤلاء الرؤساء يدعون في العلن إلى الإسلام ويثنون على تعاليمه، حتى وإن كانوا يفعلون ما يفعلون في الخفاء وفي العلن أيضًا من قتل المسلمين؛ مما جعل اسم الإسلام يصل إلى كل مكان في الكرة الأرضية يصل إليها بث تلفازي أو إذاعي أو صحف. وقد سمعنا عن الإقبال الكبير في الدول غير الإسلامية خاصة في أوروبا وأميركا على الكتب الإسلامية وترجمة معاني القرآن الكريم وزيارة المراكز الإسلامية، وكل ذلك للتعرف على الإسلام؛ وهو مما يصعب على جيش من الدعاة إنجازه في هذا الوقت القصير.

فقد سخر الله تعالى هؤلاء الرؤساء ليذكروا الإسلام ومحاسنه وتعاليمه، وتذكرت قول النبي r: ((إن الله لَيُؤَيِّد هذا الدين بالرجل الفاجر)). فوجدت نفسي أردد: سبحانك يا الله ما أعظمك...! سبحانك يا ذا الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة...! فالذي جعل فرعون يقوم على تربية موسى u ورعايته في قصره بالرغم من أنه يبحث عنه ليقتله لعلمه السابق أنه سيولد نبي من بني إسرائيل وسيكون موت فرعون بسببه، فهو قد جعل هؤلاء الذين تداعوا على قتل المسلمين وإزالة كل دولة تحكم بالإسلام؛ يقوموا بالدعوة إلى الإسلام! ثم وفي غمرة ما يعتمل صدري مما أسمع ما يفعله هؤلاء الرؤساء أنفسهم بالمسلمين في أفغانستان وفي غيرها، ودعمهم للكيان الصهيوني الذي شن حربه الشرسة هو الآخر على المسلمين في فلسطين، وأخذ يقتلهم صغارًا وكبارًا، رجالاً ونساءً وأطفالاً، ويدمر مدنهم ومبانيهم... انطلقت في عقلي شرارة كتاب جديد كان أول عنوان له خطر على ذهني هو ما كنت أردده وهو: سبحانك يا الله ما أعظمك! ثم تفتق ذهني عن أسماء أخرى للكتاب مثل: (الأخيار والأشرار)، وكان سبب هذا الاسم أيضًا ما أسمعه من تصريحات رئيس أميركا بوش الابن عن الحرب بين الأخيار والأشرار معتقدًا أن أمته النصرانية واليهودية هم الأخيار وأن المسلمين هم الأشرار، ومثل: (مَن هم المؤمنون ومَن هم الكفار؟!). وآخر ما خطر في ذهني من أسماء لهذا الكتاب هو اسم: (نهاية الأمم) الذي اعتمدته.

وقد وجدت نفسي أسرع إلى جهاز الحاسوب وأبدأ في تفريغ ما قد شُحِن في صدري وعقلي... وكانت فكرة الكتاب هي حكاية كل أمة أتاها رسول من عند الله فكفرت فعذبها الله واستأصلها من الأرض وانتهت من الوجود وأنجى تعالى المؤمنين به ونصرهم على أعدائهم... وبدأت بقصة نوح مع قومه، وهكذا بقية قصص الرسل من بعده وما جرى معهم من أحداث مع أقوامهم الذين كفروا وأبوا أن يؤمنوا معهم، وأخذت أختم كل قصة مبينًا على أن النهاية التي انتهت إليها كل أمة قد أثبتت أن رسل الله وأتباعهم المؤمنين المسلمين كانوا هم الأخيار فنجوا، وأن الكافرين الذين رفضوا دعوة الرسل ولم يؤمنوا معهم كانوا هم الأشرار فهلكوا، وبطبيعة الحال وصلت إلى خاتم هؤلاء الرسل وهو محمد r ليتبين بعد ذلك أنه هو وأتباعه المسلمين هم المؤمنون الأخيار، وأن الذين لم يؤمنوا به وبما جاء به من الله تعالى ولم يدخلوا في الإسلام هم الكفار الأشرار؛ وهذا مستمر وساري المفعول من بعثة رسول الله r حتى آخر الزمان وقيام الساعة.

وبعد ذلك توالت قصص أمم ودول ما بعد الإسلام وكيف أنها انتهت إلى ما انتهت إليه الأمم الكافرة التي لم تؤمن بخاتم الأنبياء والمرسلين محمد r من الخسران والهزيمة والزوال من الوجود وانتصار أمة الإسلام واستمرارها، حتى وصلت في الكتابة إلى الأمم والدول الحاضرة وذكرت نهايتها أيضًا، ثم أبحرت في المستقبل وذكرت نهاية الأمم والدول إلى آخر الزمان مرورًا بأحداث آخر الزمان ونهاية أمة المسلمين.

وقد عرضت مسودة الكتاب على أحد المشايخ فراجعها لي وأثنى عليه كثيرًا وأوصى بطباعته بل ونشره بالوسائل الإعلامية المختلفة. وبعد كثير من المراجعة والحذف والإضافة والتعديل والعمل الشاق الذي دام حوالي خمس سنوات قدمت الكتاب إلى مكتبة العبيكان التي وافقت على نشره فطبعته ونشرته مع قدوم شهر رمضان المبارك 1427هـ - 2006م.

وكان الغرض الأكبر من كتابة هذا الكتاب أن أقدمه عبرةً وذكرى لجميع الأمم والدول؛ المسلمة وغير المسلمة، للاعتبار بنهاية كل أمة أو دولة تشرك بالله أو تكفر به، أو تحارب دين الله أو أولياءه، أو تقتل المؤمنين بالله المسلمين له. فهكذا كان مصير كل أمة وكل قوم وكل دولة؛ كانت لديهم فرصة ليعتبروا بمصير الأمم والدول التي كانت قبلهم فلم يفعلوا! بل كفروا بالله وظلموا عباده المؤمنين، وساروا على نهج الذين قبلهم ممن عذبهم سبحانه وأهلكهم بما كفروا وبما ظلموا؛ فكان مصيرهم كمصيرهم، وأنزل سبحانه عليهم العذاب الذي يستحقونه. وكذلك ليأخذ المسلمون العبرة من الحالة التي يكون فيها شأنهم ومصيرهم إذا تركوا دينهم وأقبلوا على الدنيا.

فلعل وعسى أن يستفيد من هذا الكتاب أمة أو قوم أو دولة أو جماعة أو حتى أفراد في الحاضر أو المستقبل، فيتركوا طرق الضلال والباطل المعوجة الشريرة المؤدية إلى جهنم وبئس المصير، ويسيروا في طريق الهدى والحق المستقيم المؤدي إلى جنات النعيم.

والجدير بالذكر أنه بعد طبع الكتاب بسنتين بدأت تظهر بعض الأحداث التي توقعت حصولها في الولايات المتحدة الأميركية ومن ذلك النكبات الاقتصادية وانتشار الإفلاس ونزول عذاب الله على الشركات الكبرى والهيئات والجهات الأخرى. وقد تُرجم الكتاب إلى لغات أخرى غير العربية. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

عدنان الطَرشَه

www.adnantarsha.com