الرئيسة  |  تأملات                                                          

تأملات: كورونا وسنن الإسلام

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

إضافة إلى ما سبق ذكره من الفوائد المتعددة الناتجة عن جائحة كورونا، فإن هناك فائدة عظيمة يجب التأمل فيها جيدًا، فقد قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم: «لا يبقى على الأرض بيتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلا أدخله الله الإسلام بعز عزيزٍ أو بِذُلِّ ذليلٍ»(1)؛ فهذا إخبار عما سيحدث في المستقبل من انتشار تعاليم الإسلام وسننه، وقد أتيحت لنا الفرصة في زمن كورونا لرؤية ملامح ومقدمات هذا الأمر العظيم.

فبعد أن كان غير المسلمين يسخرون من ممارسات المسلمين وأنشطتهم الدينية واتهامهم بالتخلف والرجعية، فها هم في زمن كورونا قد أرغموا على تنفيذ هذه الممارسات بقوة القانون والأنظمة في بلدانهم وصار مطلوبًا منهم التصرف كالمسلمين أعجبهم ذلك أم لم يعجبهم. فبعد انتشار التعدي على النساء المسلمات بسبب حجابهن بل وقيام بعض الدول بحظر الحجاب والنقاب وفرض غرامة على من ترتديه في الأماكن العامة، صارت هذه الدول تفرض على مواطنيها ارتداء القناع والكمامة مما جعل غير المسلمة تبدو منقبة مثل المسلمة، بل وهناك بعض الدول جعلت تغطية الوجه إلزاميًا للجميع في الأسواق والمتاجر ووسائل النقل العامة وأماكن التجمعات؛ وذلك بعد أن اكتشفت فائدة ذلك وأنه يحد من انتشار كورونا بين الناس.

أما بالنسبة للخمر التي يمتنع المسلمون عن شربها طاعة لله تعالى ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(2)، فإلى جانب تكرار إغلاق الكازينوهات والبارات والأندية الليلية بل وخوف الناس من ارتيادها حينما تكون مفتوحة خوفًا من التقاط الفيروس، نصح الأطباء بتجنب شرب الكحول التي تساعد الفيروس على أن يكون أكبر سوءًا وأشد فتكًا عند الشارب.

أما بالنسبة للزنا الذي حرمه الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا(3) وحث الإسلام على الزواج، فقد امتنع الزناة عن الزنا في زمن كورونا ولم يعد يخاطر بنفسه بارتكاب الزنا واحتمال التعرض للإصابة بالفيروس إلا من فقد عقله، وبدأ الكثير منهم بالزواج والبعض الآخر بالتخطيط جديًا للزواج. وقد تعرضت مهنة الدعارة للكساد لدرجة خروج العاهرات في مظاهرات في بعض البلدان اعتراضًا على الإغلاق أو عدم وجود زبائن وطالبن بالمساعدات التي تمكنهن من العيش.

أما بالنسبة للنظافة التي يكررها المسلم عدة مرات في اليوم في الوضوء للصلاة، فهي أيضًا مما أوصت به المراجع الطبية بتكرار غسل الأيدي بالصابون تفاديًا للإصابة بالفيروس. وأما المصافحة المحظورة بين الرجال والنساء المسلمين التي وصفها غير المسلمين بالأمر المهين وعدم احترام المرأة وانتقاص من حقها؛ فقد أصبحت محظورة أيضًا ليس بين الجنسين الرجال والنساء فحسب بل حتى بين الجنس نفسه.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا.

عدنان الطَرشَة

___________________

(1) صحيح ابن حبان 6699.

(2) سورة المائدة: 90.

(3) سورة الإسراء: 32.