الرئيسة | الرسائل

رسالة عدنان الطَرشَة إلى أهل الفنون القتالية

----------------------------------

صفات الطالب الناجح

---------------------

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

إخواني مدربي وطلاب الفنون القتالية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

ليس كل منتسب لاعبًا:

---------------------

كثيرون هم الذين ينتسبون إلى الفنون القتالية، ولكن معظمهم يتركها بعد مدد تدريب متفاوتة، ما بين درس واحد في يوم واحد إلى سنوات والحصول على الحزام الأسود، وقليل ممن يحصل على الحزام الأسود يترك التدريب. ولكل من هذا وذاك أسباب. فيجب أن تتوفر في الطالب اللاعب صفات خاصة ليكون طالبًا ولاعبًا ناجحًا. وهذه الصفات إن توفرت في طالب ما تجده يستمر في التدريب حتى حصوله على الحزام الأسود وما بعده.

الصفات المطلوبة في الطالب اللاعب:

----------------------------------

وفيما يلي بعض هذه الصفات المطلوبة في أي طالب في فن من الفنون العسكرية القتالية:

- أن تكون لديه نية حسنة؛ بأنه يتدرب طاعة لأمر الله ورسوله، وبأنه يريد أن يكون مسلمًا قويًا كما يحبه الله تعالى أن يكون؛ وبذلك يصبح خيرًا وأحب إلى الله من المسلمين الضعفاء، ويكون له أجر عند الله من تدريبه.

- أن يكون مطيعًا ومحترمًا لمدربه؛ فقد عُرفت الفنون القتالية باحترام الطالب لمدربه احترامًا يفوق احترام أي مدرب أو معلم لعلوم أخرى. وبذلك يطيع أوامر مدربه وتعليماته التي تصب في مصلحته كطالب فينال الفائدة الكبرى من ذلك.

- أن يكون جديًّا ومخلصًا فيما يقوم به من حركات وتدريبات، فيعطيها حقها فيما تتطلبه من قوة وسرعة وتكرار؛ فينال بذلك الفائدة القصوى من التدريب.

- أن يكون صبورًا ولا يستعجل الحصول على النتائج المرجوة أو الوصول إلى أعلى الدرجات في أقصر وقت. فالفنون القتالية تحتاج إلى وقت طويل لإتقانها وممارستها على أحسن صورة.

- أن تكون عنده قدرة على تحمل التعب؛ لأن تدريب الفنون القتالية شاق ومتعب كثيرًا ولا يستطيع تحمله إلا من لديه قوة جلد كبيرة.

- أن يكون متعاونًا مع زملائه الطلاب، وهذا يتطلب منه تواضعًا واحترامًا وتقديرًا لهم خاصة لمن هم أعلى درجة منه.

- أن يكون مواظبًا ومتقنًا لكي يحصل على الفائدة والتقدم في التدريب درجة بعد درجة حتى يصل إلى هدفه الذي وضعه لنفسه ومن ذلك الحصول على الحزام الأسود، أو لكي يصبح مدربًا.

- أن يتمتع بروح رياضية عالية وأن يكون مسيطرًا على نفسه خاصة عندما يمارس القتال مع زملائه؛ لأن المطلوب هو إجادة القتال بالتدريب المتواصل، وليس المطلوب هو الانتصار وإيقاع الأذى بزملائه.

الصفات المكروهة في الطالب:

وبالوقت نفسه هناك صفات سيئة ومكروهة إذا وجد بعضها أو أحدها في طالب ما فإنه سيسبب لنفسه عدم الاستمرار في التدريب ونفور المدرب والطلاب منه وعدم رغبتهم في وجوده بينهم؛ ومن هذه الصفات: سوء الخُلُق، الغرور بتفوقه، مخالفة الأنظمة والقوانين.

العقوق، الغدر، الخيانة؛ أي يكون له تصرفات فيها عقوق وغدر وخيانة لمدربه، أو يفعل ذلك مع زملائه الطلاب؛ وقد قال النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لا يحب الله العقوق»[1].

الجحود والنكران؛ حين يصبح متقدمًا في التدريب أو يصبح مدربًا أو بطلاً في بطولة ما وما شابه ذلك... فيجحد فضل مدربه عليه أو يتنكر لمن ساهموا في وصوله إلى ما وصل إليه.

التشبع بما لم يُعط؛ أي يدعي حصوله على حزام ما، أو الفوز ببطولة ما، أو القيام بأنشطة معينة... كذبًا وزورًا.

الثرثرة وسلاطة اللسان؛ أي يكثر من الأسئلة التي تضيع أوقاتًا من التدريب، مع أن الأجوبة على جميع الأسئلة - إلا فيما ندر - يأتي عمليًا في الدروس. أو يُعرف بأنه فاحش اللسان وبذيء، يمكن أن يسب ويشتم الآخرين لأتفه الأسباب. أو تكون مخاطبته للمدرب أو زملائه خالية من الأدب والاحترام.

التأخر والغياب؛ فيتكرر تأخره عن بداية الدرس، وكذلك يتكرر غيابه عن الدروس خاصة في بداية مشواره؛ فيفوته الكثير من الأساسيات والمعلومات وغير ذلك مما يلزمه خلال مسيرته وتقدمه.

التدخل فيما لا يعنيه كطالب؛ فيتدخل في سياسات فنه القتالي وفي قضايا تخص المدربين ومشاكلهم فيتلهى بذلك عن التدريب، وربما يؤدي به ذلك إلى ترك التدريب.

رفع الكلفة بينه وبين المدرب؛ فينعكس ذلك سلبًا على سلوكه بشكل عام في التدريب وفي النادي، وتبدأ المخالفات تظهر منه.

تقديم فنه القتالي على الإسلام؛ وهذا هو الأسوأ؛ حيث يجعل تدريبه لأهداف سيئة، ويتعامل مع زملائه من منطلقات مخالفة للدين؛ فيقع بسبب ذلك في معاصٍ ومخالفات شرعية. أو يكون له مدرب صاحب أكاذيب فيبيع هذا الطالب شيئًا من آخرته من أجل دنيا مدربه وذلك حين يروج أكاذيب مدربه التي سمعها منه؛ وقد قال النبي : «كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع»[2]، وقال عليه الصلاة والسلام: «إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النـار، أبعد ما بين المشرق والمغـرب»[3]. أو يكون مدربه صاحب نصب أو احتيال أو خداع.. فيتعلم منه الطالب هذه الفنون السيئة جنبًا إلى جنب مع الفنون القتالية فيتحول شيئًا فشيئًا ليصبح مثل مدربه؛ وقد حذرنا النبي قائلاً: «الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»[4]؛ أي عليه أن يختار الرجل الصادق الملتزم بتعاليم الدين ليكون مثله وعلى طريقته.

إن وجود صفة واحدة من هذه الصفات السيئة في طالب ما تفسد شخصيته كطالب حتى وإن جمع معها صفات أخرى جيدة؛ لأن هذه الصفة السيئة هي بمثابة نقطة البول التي تفسد كأسًا مليئًا بماء الشرب. ولهذا وجب على كل من ينتسب إلى أحد الفنون القتالية أن يبذل جهده في التخلص من الصفات السيئة، وأن ينـزه نفسه عنها، ليس من أجل شخصه هو فقط بل أيضًا من أجل زملائه. وأن يسعى جهده في التخلق بالصفات الجيدة المطلوبة في الطالب الناجح. وفي حال اكتشف أن مدربه ليس ملتزمًا بالدين وأن لديه صفات سيئة تضر بدين طلابه وآخرتهم فعليه أن يسارع إلى تركه والبحث عن غيره من المدربين المشهود لهم بالخُلُق والدين.

وختامًا أسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمنا، وأن ينفع بنا غيرنا من المسلمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم

عدنان الطَرشَة


[1] صحيح سنن أبي داود، رقم : 2467.

[2] أخرجه مسلم في باب النهي عن الحديث بكل ما سمع.

[3] صحيح سنن الترمذي، رقم: 1884.

[4] صحيح سنن أبي داود، رقم: 4046.

رابط الموضوع في موقع عدنان الطرشة: صفات الطالب الناجح

لتنزيل الملف pdf: صفات الطالب الناجح