ثوابت إلهية.. فلم النقاش فيها؟!

تأليف: عدنان الطرشة

   الرئيسة | الكتب                                                           

الموضوع السابع والعشرون:

كفر القائلين إن الله هو المسيح.

الموضوع القادم:

البراءة من الكافرين.

 

كفر القائلين إن الله هو المسيح

الثابت الإلهي:

قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ[1] .

الشرح:

يحكم الله تعالى بالكفر على الذين يقولون: إن الله هو المسيح ابن مريم. وهو حكم مستمر دائم إلى ما قبل قيام الساعة بقليل، وتحديدًا إلى زمن نزول المسيح عليه السلام نفسه إلى الأرض، وإعلانه بنفسه هذا الحكم للعالم أجمع، وهدمه لما عليه النصارى من الديانة، وكسره للصليب الذي اتخذه النصارى شعارًا لهم ولدينهم الموروث عن الوثنية، وعدم قبوله إلا الإسلام أو السيف لكل كافر.

فالمسيح ابن مريم عليهما السلام ليس إلا بشرًا اختاره الله تعالى ليرسله إلى قومه من بني إسرائيل، فهو عبد الله ورسوله، ولا يملك من الله شيئًا إن أراد الله أن يهلكه وأمه، ولهذا يقول الله عزَّ وجلَّ بعد ذلك: ﴿قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، أي؛ لو أراد الله أن يعدم المسيح وأمه وجميع من في الأرض من الخلق، من ذا الذي يقدر أن يصرفه عن ذلك أو يمنعه منه وجميع الموجودات في السماوات والأرض ملكه وخلقه وهو قادر على كل شيء؟!. ففي ذلك عبرة لكل معتبر، وتنبيه لكل غافل، وعلم لكل جاهل، وهدى لكل ضالٍ، وحجة على كل فاسد؛ فلو أن عيسى عليه السلام هو الله كما يزعمون، أو إلهًا من دون الله، وهو ليس كذلك، لقدر أن يرد أمر الله ويدفع ما ينـزل به أو بغيره أو بأمه، وقد أمات الله أمه فلم يقدر على دفع الموت عنها أو تأجيله؛ لأنه ليس إلا بشر مخلوق مثل سائر البشر، والله - تبارك وتعالى - هو الخالق القادر على كل شيء، الذي لا يُغلَب ولا يُقهَر ولا يُرد له أمر، بل هو الذي يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، وكل شيء هالك إلا وجهه سبحانه.

ثم إن المسيح عليه السلام نفسه حين دعا قومه دعاهم إلى الله، ولم يدعهم إلى نفسه، ولا زعم أنه هو الله أو ابنه أو ثالث ثلاثة، بل أعلن على الملأ أنه عبد الله ورسوله وأن الله تعالى ربه وربهم، ووجههم إلى عبادة الله وعدم الشرك به؛ لأن من يشرك بالله يُحرَم الجنة ويدخل النار، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ[2].

عدنان الطرشة

([1]) سورة المائدة، الآية: 17.

([2]) سورة المائدة، الآية: 72.


www.adnantarsha.com